أُطلق سراح الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش وضابط في الاستخبارات الروسية كان مسجونا في ألمانيا بتهمة قتل شيشاني هارب، في إطار صفقة تبادل شملت 24 سجينا وقاصرين اثنين، هي الأكبر من نوعها بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
ونُقل السجناء جوا إلى أنقرة من روسيا والولايات المتحدة وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنروج وبيلاروس، بموجب الصفقة المعقدة على ما قالت الرئاسة التركية.
وافادت مصادر أمنية تركية وكالة فرانس برس ب”انتهاء” العملية التي تمت الخميس بمساعدة أنقرة.
في المجموع أطلق سراح 10 روس بينهم قاصران، مقابل 16 غربيا وروسيا كانوا معتقلين في روسيا، وفق بيان للرئاسة التركية.
وظهر أفراد من العائلات في البيت الأبيض إلى جانب الرئيس جو بايدن الذي قال إنهم تمكنوا من الاتصال بأحبائهم المفرج عنهم من المكتب البيضوي.
وأشاد بايدن بما اعتبره “إنجازا دبلوماسيا”. وقال إن حلفاء الولايات المتحدة ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنروج وتركيا “يقفون معنا”.
وأضاف “اتخذوا قرارات جريئة وشجاعة” لإطلاق سراح روس مسجونين بتهم تجسس وجرائم أخرى مقابل عودة غربيين ومنشقين روس ونشطاء في مجال حقوق الإنسان.
وتابع “بعض هؤلاء النساء والرجال ظلوا محتجزين ظلماً لسنوات. وتحملوا جميعاً معاناة لا يمكن تصورها وعدم يقين. واليوم، انتهت معاناتهم”. واعتبر انه تمت إدانتهم في روسيا بعد “محاكمات صورية”.
ومن المقرر أن يستقبل بايدن ونائبته كامالا هاريس السجناء المحررين في قاعدة أندروز قرب واشنطن في وقت لاحق الخميس.
من جانبه، رحب الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف الخميس بعودة مواطنين “عملوا من أجل الوطن” الى روسيا.
وعبرت صحيفة وول ستريت جورنال عن “ارتياحها العارم” للإفراج عن غيرشكوفيتش (32 عاما) الذي اعتقل في روسيا في آذار/مارس 2023 وحكم عليه في تموز/يوليو بالسجن 16 عاما بتهم تجسس رفضتها الولايات المتحدة.
ونُقل جندي البحرية الأميركية السابق بول ويلان المعتقل منذ 2018، جوا إلى أنقرة أيضا. كما أُفرج عن الأميركية ألسو كورماشيفا والروسي-البريطاني فلاديمير كارا-مورزا الذي يحمل تصريح إقامة في الولايات المتحدة.
وشملت عملية التبادل المعارض إيليا ياشين الذي مثل كارا-مورزا سُجن لانتقاده الغزو الروسي لأوكرانيا.
وسيتوجه ياشين إلى ألمانيا مع 11 مواطنا ألمانيا وروسيا، وفق الإدارة الأميركية. ومن بينهم الألماني ريكو كريغر الذي كان مسجونا في بيلاروس وحُكم عليه بالإعدام بتهم تجسس قبل أن ينال عفوا هذا الأسبوع.
ومن بين الذين عادوا إلى موسكو فاديم كراسيكوف، ضابط الاستخبارات الروسية الذي سُجن في ألمانيا بتهمة قتل قيادي شيشاني متمرد.
وأقرت الحكومة الألمانية بأن الموافقة على الإفراج عن كراسيكوف لم تكن “قرارا سهلا”.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت إن “واجبنا المتمثل برعاية المواطنين الألمان إضافة إلى التضامن مع الولايات المتحدة كانا عاملين مهمين” في قرار الإفراج عن كراسيكوف.
بدورها أبدت المملكة المتحدة “ارتياحها” للافراج عن مواطنيها اللذين يحملان جنسية مزدوجة، المعارض الروسي فلاديمير كارا مورزا والعنصر السابق في مشاة البحرية الاميركية بول ويلان.
وهذه أول عملية تبادل للسجناء بين روسيا والغرب منذ مبادلة نجمة كرة السلة الأميركية بريتني غراينر بتاجر السلاح الروسي المدان فيكتور بوت في كانون الأول/ديسمبر 2022.
وتعد أيضا أكبر عملية تبادل منذ العام 2010 عندما تمّت مبادلة 14 جاسوسا مفترضا بين روسيا والغرب. وكان بين هؤلاء العميل المزدوج سيرغي سكريبال الذي أرسلته موسكو إلى بريطانيا والعميلة الروسية السريّة آنا تشابمان التي أرسلتها واشنطن إلى روسيا.
وقبل ذلك، لم تجر عمليات تبادل كبيرة تشمل أكثر من عشرة أشخاص سوى خلال فترة الحرب الباردة عندما تبادل الاتحاد السوفياتي والقوى الغربية سجناء في عامي 1985 و1986.
وأكد البيت الابيض الخميس ان الولايات المتحدة عملت على أن تفرج روسيا عن المعارض اليكسي نافالني قبل ان يموت في سجنه.
وصرح مستشار الامن القومي الاميركي جايك ساليفان “عملنا مع شركائنا على اتفاق يشمل اليكسي نافالني، ولكن، ويا للاسف، قضى” في شباط/فبراير.
ورغم كونها واحدة من لحظات التعاون النادرة بين دول الغرب وروسيا في عهد بوتين، قال بايدن “لم أكن في حاجة للتحدث” مع سيد الكرملين.
– سياسة احتجاز رهائن –
تم توقيف غيرشكوفيتش في مدينة إيكاترينبورغ بينما كان في زيارة في إطار عمله كصحافي. ونفى هو و”وول ستريت جورنال” والحكومة الأميركية بشدّة اتهامات التجسس الموجهة إليه.
وأعربت منظمة “مراسلون بلا حدود” الخميس عن “ارتياحها الهائل” وشددت على أنه “ما كان يتعيّن إطلاقا (أن يقضي غيرشكوفتيش) ولا يوما واحدا في سجن روسي بسبب قيامه بعمله كصحافي”.
ونددت بـ”سياسة الحكومة الروسية المتواصلة في احتجاز رهائن”.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان إن تبادل السجناء دليل على أن بوتين “يستغل القانون بوضوح من أجل استخدام السجناء السياسيين كبيادق”.
سعت الولايات المتحدة أيضا لضمان الإفراج عن ويلان (54 عاما) الذي تم توقيفه في موسكو عام 2018 واتُّهم بالتجسس.
وكان ويلان يعمل في مجال الأمن لصالح شركة قطع سيارات عندما تم توقيفه في
أما كارا-مورزا الناشط البالغ 42 عاما فكان يقضي عقوبة بالسجن 25 عاما في سيبيريا بتهمة الخيانة وغيرها بعد انتقاده الحرب في أوكرانيا. ويعاني من مرض عصبي ونقل إلى مستشفى تابع للسجن في وقت سابق هذا الشهر للخضوع لفحوص طبية.
وما زاد من الغموض قضية في سلوفينيا حكمت فيها محكمة على روسيين يشتبه في قيامهما بالتجسس لصالح موسكو بالسجن لأكثر من عام ونصف عام، لكنها أمرت بعد ذلك بطردهما من أراضيها.