هرع فلسطينيون السبت لانتشال جثث عشرات القتلى الذين سقطوا بضربة إسرائيلية في المواصي التي كانت إسرائيل قد أعلنتها “منطقة إنسانية” خلال عملية في رفح قرب الحدود المصرية، وحيث تناثرت “أشلاء في كل مكان”.
وسط دوي صفارات الإنذار وبكاء النساء عمل مسعفون على انتشال أطفال من تحت الركام ونقلهم إلى مستشفيات قريبة بعد غارة على مخيم للنازحين.
وصاحت فلسطينية نُقلت من المنطقة وهي تبكي “ماذا فعلنا؟ كنا جالسين على الشاطئ”.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس في بيان سقوط 90 قتيلا “نصفهم من النساء والأطفال”، إضافة الى 300 جريح في ضربة إسرائيلية استهدفت مخيم المواصي للنازحين في جنوب قطاع غزة، وصفتها بأنها “مجزرة بشعة ارتكبها الاحتلال”.
وتعذّر على وكالة فرانس برس التحقّق من الحصيلة من مصادر مستقلة.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ في منطقة خان يونس غارة استهدفت قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحماس محمد ضيف ومسؤول خان يونس رافع سلامة.
ووصف الجيش الرجلين بأنهما “من المخططين لمجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر” التي أشعلت فتيل الحرب الدائرة حاليا في غزة.
المخيم الواقع قرب مدينة خان يونس كان مصنّفا ضمن “منطقة إنسانية” تضم أعدادا كبيرة من النازحين الذين انتقلوا إليها بعد “أوامر” أصدرتها إسرائيل للمدنيين في أيار/مايو بإخلاء أنحاء أخرى في قطاع غزة.
وكانت المنطقة تؤوي مئات آلاف النازحين، وفق منظمة “المساعدة الطبية للفلسطينيين” التي تتّخذ مقرا في المملكة المتحدة وتشغّل مراكز طبية في المنطقة.
وجاء في بيان للمنظمة “مدى أشهر حذّرنا من عدم وجود مكان آمن في غزة وسط قصف الجيش الإسرائيلي”.
وتصاعد دخان أسود فوق شارع غطّاه الرماد في المواصي حيث شوهدت جثث غارقة في برك دماء، تمت تغطية بعضها.
بصعوبة، عمل رجال على نقل المصابين إلى سيارات إسعاف، فيما تم تحميل آخرين على عربات تجرها حمير.
على الرغم من إعلان مستشفى ناصر أنه غير قادر على استقبال مزيد من الحالات، تواصل تدفق سيارات الإسعاف ونقل المصابين، وبينهم رجل ربطت ساقة بمنشفة في محاولة لوقف النزف.
وأفادت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لويز ووتريدج بعيد زيارة أجرتها للمستشفى، بأن كثرا من الجرحى هم أطفال، متحدثة عن “مشاهد مروعة حقا”.
وقالت “هناك كثير من الغضب والاستياء” في صفوف سكان هذه المنطقة “لأنه قيل لهم إنها مكان آمن”.
– “بدون تحذير” –
قال الجيش الإسرائيلي إن “المجمع المستهدف هو عبارة عن منطقة مفتوحة ووعرة”، وأضاف “لم يكن فيها مدنيون بحسب معلوماتنا”. لكنه اتهم في بيان سابق قادة حماس “بالاختباء بين المدنيين”.
وفق بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، تباحث الأخير في ضربة المواصي مع مسؤولين أمنيين وعسكريين في إطار تحقيق هدفه “القضاء على كبار قادة حماس”.
وردت حماس بأن “ادعاءات الاحتلال بشأن استهداف قيادات إنما هي ادعاءات كاذبة… للتغطية على حجم المجزرة المروعة. ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية ويتبين كذبها لاحقاً”.
وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل بأنه “ما زالت هناك العديد من جثامين الشهداء متناثرة في الشوارع وتحت الركام وبين خيام النازحين لا يمكن الوصول إليها بسبب كثافة القصف الذي استهدف به الاحتلال اماكن وخيام النازحين”.
وروى محمود أبو عكر كيف سقطت الصواريخ بكثافة.
وقال “كلما حاول أحدهم الاقتراب لإنقاذ آخرين، كانوا يضربون”، مشددا على أن الضربة وجّهت “بدون تحذير”.
وقال محمود شاهين وقد بدا عليه التأثر الشديد “أشلاء في كل مكان”، مضيفا “أمر لا يتصوره عقل”.
وسبق ان أفادت تقارير بتعرّض المخيم للقصف، بما في ذلك في حزيران/يونيو حين أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مقتل 22 شخصا بسقوط مقذوفات ألحقت أضرارا بمكتبها.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي حينها إن “التحقيق الأولي الذي أجري يدل على أنه لا يوجد ما يؤشر الى أن الجيش الإسرائيلي قد نفذ غارة في المنطقة الإنسانية في المواصي”.