الطائرات المسيرة.. السعودية تحاول القضاء على سلاح الحوثيين بضرب “مراكز الثقل”

قبل 2 سنة | الأخبار | تقارير
مشاركة |

أثار إعلان التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، الاثنين، عن تدمير منظومة اتصالات في صنعاء، يستخدمها الحوثيون في هجمات بطائرات مسيرة، أسئلة عن فعالية هذه الضربات في تعطيل الهجمات، أو الحد من قدرات التحكم بهذا النوع من الطائرات الذي يثير قلق دول في الخليج.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السعودية عن التحالف قوله "دمرنا منظومة اتصالات تستخدم لتشغيل محطات اتصالات أمامية للتحكم بالمسيرات، والحوثيون يستخدمون وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بصنعاء لدعم العمليات العدائية".

وعن جدوى ضرب منظومة الاتصالات، يعتبر الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، أنها "غير كافية لوقف الهجمات بالطائرات المسيرة، ولكنها تحد منه".

ويوضح في حديث لموقع "الحرة" إنه "بشكل عام، أي نوع من الطائرات المسيرة في العالم تعمل في إطار منظومة، والمنظومات عموما هي عبارة عن عربات مجهزة بوسائط اتصال لاسلكي، ومربوطة مع الأجهزة المركبة على الطائرات المسيرة".

وأضاف أن "العربة تكون عبارة عن غرفة تحكم بالطائرة المسيرة، ويوجد بداخلها أجهزة إرسال واستقبال، وما دامت الطائرة المسيرة تقع في مجال التردد، يستطيع من يسير الطائرة توجيهها وقيادتها وإرسال الأوامر لها".

وأوضح أن "العربة أو (غرفة العمليات) لا تكون مخصصة لطائرة واحدة، بل لنوع محدد من الطائرات، وبالتالي تدمير المنظومة يحد بشكل كبير من عمل الطيران المسير ولا يوقفه".

لكل منظومة تردد

وتابع أن "لكل منظومة تردد محدد، وفي حال تم تحديد هذا التردد، يمكن التشويش عليه، وبالتالي تفقد الطائرة المسيرة التغذية اللاسلكية، ولا تصل إلى هدفها، إلا في حالة واحدة، وهي إذا كانت الطائرة المسيرة مزودة بجهاز يحتوي على إحداثيات الهدف، حيث تتجه لهدفها بدون تحكم.

من جانبه يشرح الخبير العسكري، العميد إلياس حنا في حديثه لموقع "الحرة" أن "التحكم بالطائرات المسيرة يمكن عن طريق نظام (جي بي أس)، ولكنه بحاجة أيضا إلى مركز رصد، وجهاز إرسال واستقبال الإشارة".

وجاء في تقرير "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في 2020، والذي نشرته فرانس برس، أن الطائرات بدون طيار هذه "تستخدم إرشادات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وتطير بشكل مستقل على طول نقاط الطريق المبرمجة مسبقا" نحو أهدافها.

وأكد أبو أيوب أن "ضرب منظومة واحدة لا يكفي، فهناك منظومات أخرى، ولكل نوع من الطائرات منظومة خاصة بها".

بدوره قال حنا إنه "يجب أن يكون هناك مركز قيادة للتحكم بالطائرات المسيرة، حتى لو كانت مبرمجة أيضا"، ومنظومة الاتصالات التي تم استهدافها تعتبر "مركز ثقل أساسي للحوثيين، على غرار مركز الاتصالات الذي تم ضربه في الحديدة".

وفي يناير الماضي، قالت قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين إن غارة على مبنى الاتصالات في الحديدة قتلت وجرحت عدة أشخاص. فيما أقر التحالف بشن "ضربات جوية دقيقة لتدمير قدرات الميليشيات" حول ميناء الحديدة. لكنه لم يقر بضرب مبنى الاتصالات.

وأضاف حنا أن ضرب منظومة اتصالات واحدة "ليس كافيا" لوقف الهجمات بالطائرات المسيرة، وقال: "من المفترض أن تكون هناك أنظمة أخرى احتياطية ومتعددة، بحيث إذا تعطلت منظومة، يكون هناك أخرى بديلة لها".

ورأى أن التحالف يسعى دائما لضرب "مراكز الثقل"، وتابع أن "الحوثي يحتاج لوقت وجهد ومال كثير لإعادة بناء منظومة الاتصالات"، وبالتالي فإن هذه الضربة "تعيق" أنشطتهم.

وذكر التحالف أن الضربات، الاثنين، جاءت "ردا" على هجوم الخميس الماضي على مطار أبها الواقع في جنوب غرب السعودية قرب الحدود مع اليمن، والذي أسفر عنه إصابة 12 شخصا بجروح.

وهذه أول مرة يستهدف التحالف المناهض للحوثيين وزارة مدنية بعد أن كان هاجم وزارة الدفاع فقط. وسبق للتحالف أن أكد أنه سيتخذ "إجراءات عملياتية حازمة استجابة لتهديد استهداف المطارات المدنية والمسافرين".

وقال التحالف "الحوثيون يستخدمون مقرات ووزارات الدولة اليمنية عسكريا لإطلاق عمليات عدائية".

تشكيك بالقدرات

وأكثر طائرات المتمردين تطورا هي "صماد -3" التي تستطيع حمل 18 كلغ من المتفجرات ويبلغ مداها 1500 كلم وسرعتها القصوى 250 كلم في الساعة، وفقا لمصادر إعلامية حوثية وخبراء مستقلين، نقلت عنهم فرانس برس.

ولكن أبو أيوب يستبعد أن تكون لدى الحوثيين طائرات بهذه القدرات، ويشدد على أن "هناك ضرب من الخيال" في هذا الشأن.

وقال إنه " ليس بمقدور دول، حتى مثل فرنسا، أن تقود طائرة مسيرة لمسافة 1500 كيلومتر، وبالتالي فإن الطائرات التي تصنعها إيران وتستخدمها جماعة الحوثي تستطيع الطيران لمسافة 250 كيلومتر كحد أقصى".

وأضاف أنه "لا يوجد لدى الحوثيين أنظمة اتصالات أو أقمار اصطناعية أو منظومات" تخولهم قيادة المسيرات لمسافات طويلة.

وأكد أن "الدول التي تستطيع التحكم بالطائرات المسيرة لمسافة أكثر من 250 كيلومتر، هي دول عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي يوجد لديها طائرة "آر كيو 4" (RQ-4)، وهي طائرة مسيرة عملاقة، ومزودة بخزان وقود كبير، يمكنها أن تطير لمدة 36 ساعة بشكل متواصل، وتقطع آلاف الكيلومترات، وهي مربوطة بأنظمة أقمار اصطناعية".

ويرجح أن الطائرات المسيرة التي يستخدمها الحوثيون "تطلق على مناطق حدودية قريبة، مثل خميس مشيط ونجران، ومدن لا تبعد أكثر من 150 كيلومتر عن الحدود، وهي طائرات صغيرة الحجم ولا يتعدى طولها 3 أمتار، وتحمل متفجرات صغيرة الحجم".

وتنقل فرانس برس عن الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد، جيمس روجرز، قوله إنه "من المعروف أنه من الصعب التصدي لهجمات طائرات دون طيار وصواريخ، خصوصا عندما يتم استخدامها في إطار تكتيك السرب، إذ يتم إطلاق العديد منها في الوقت ذاته لمحاولة الإفلات من الدفاعات الموجودة".

وبحسب روجرز، فإن الحوثيين المدعومين من إيران يستخدمون هجمات بالطائرات المسيرة وصواريخ متوسطة المدى "على ارتفاع منخفض وسرعة منخفضة، ولهذا من الصعب على الرادار التقليدي اكتشافها".

طائرات لا تكشفها الرادارات

وفي هذا الإطار قال أبو أيوب إن "الأسلحة المضادة للطائرات المسيرة تشمل منظومة دفاع مثل الباتريوت أو الثاد، ويوجد لدى إسرائيل منظومة القبة الحديدية المتطورة، ولكن هناك طائرات مسيرة متعددة الأحجام والأشكال" من الصعب كشفها.

وأوضح أن "هناك طائرات لا يتعدى طولها 50 سنتمتر ومصنوعة من البلاستيك أو مصنوعة من لدائن زجاجية (فايبر غلاس)، ولا يمكن للرادارات كشفها، ولكن يمكن كشفها فقط بكاميرات حرارية".

وتابع أنه "للأسف الشديد هذه الطائرات موجودة في بعض المتاجر والمولات (مراكز تجارية)، ويستطيع أي جاسوس أن يشتريها ويعدل عليها بحيث تستطيع حمل متفجرات".

ويوضح روجرز الذي عاين في السابق طائرات صنعها المتمردون أن "العديد من الطائرات المسيرة كانت عبارة عن نسخ محلية الصنع منقولة عن أنظمة عسكرية مصنعة من دول ومشابهة لتلك المصنوعة في إيران".

ويضيف "تم تعزيزها بمحركات طائرات دون طيار تجارية وسهل الحصول عليها، وأسلاك وأنظمة تحكم وكاميرات. وهذا يضمن بأن الحوثيين قادرون على تأمين هذه الوسائل القتالية بكلفة منخفضة".

ويذكر أنه في 11 مارس الماضي، كشف المتمردون الحوثيون عن سبعة أنواع جديدة من الطائرات بدون طيار، ولكن دون تحديد مداها ومزاياها. وتضمنت نسخة جديدة من أكثر طائراتهم تطورا وهي "صماد-4"، وفقا لفرانس برس.

وغالبا ما تتهم الولايات المتحدة وكذلك السعودية، الداعم الرئيسي للحكومة اليمنية التي تقاتل المتمردين في هذا البلد، إيران بتهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وهو ما تنفيه طهران التي تؤكد أن دعمها لهم سياسي فقط.

وتعتمد السعودية في الدفاع عن أراضيها بوجه هذه الهجمات على بطاريات صواريخ باتريوت الأميركية. ولكن هذه المنظومة تملك سجلا متفاوتا في التصدي لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من اليمن.

وتنقل فرانس برس عن خبراء قولهم "إنها ليست مصممة للتصدي لطائرات مسيرة تطير على ارتفاع منخفض".

*نقلاً عن "الحرة"

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!