عضو الحزب الجمهوري الأمريكي بشار جرار يكتب: من سد مأرب إلى باب المندب التهديد الإيراني التركي

قبل 2 سنة | الأخبار | أخبار محلية
مشاركة |

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، نشر على موقع شبكة CNN.

أحيى العراق بمشاعر متباينة ذكرى "النصر العظيم" الذي صادف في الثامن من آب الجاري. ثمانية أعوام من الحرب الضروس التي رآها البعض عبثية بين نظامين دكتاتوريين، فيما يراها البعض الآخر نصرا للعراق وبدعم عربي وخليجي بشكل خاص لحماية "البوابة الشرقية" للأمن القومي العربي. تحطمت أوهام "تصدير ثورة" نظام الملالي بالقوة العسكرية التقليدية إلى الشرق الأوسط عبر العراق. كلف الأمر مليون قتيل وثلاثمائة وخمسين مليار دولار.

ولأن النظم الشمولية مجبولة على السعي إلى التوسع والهروب من أزماتها الداخلية عبر الحروب مع الجوار، لم يكد الطرفان ينعمان بوقف إطلاق النار حتى بدأت حرب مستعرة لكن جمرا تحت رماد بوسائل غير تقليدية وبالوكالة، فكان ما نراه اليوم من حال لا يخفى على أحد حيث بات الاعتراف علانية بتبعية نظم ومليشيات لطهران في أربع ساحات عربية.

نوايا التوسع التي اختبأت خلف مياه "شط العرب" وخليج يسميه العرب عربيا وتصر إيران على فارسيته، أطلت بعد عقود من التغلغل والتمدد بالبكائية العقائدية تارة واللطمية السياسية تارة أخرى، أطلت برأسها على مضيق هرمز، سرعان ما أخذتها "العزة بالإثم" لتستهدف المضيق المقابل وهو باب المندب عبر بوابة "الحوثي" في اليمن الذي كان سعيدا وعلى نحو أكثر خطورة عبر أرخبيل سوقطرى. ويا لها من مفارقة أن تتقاطع الأطماع الإيرانية والتركية التي تتحارب على الساحتين السورية واليمنية فيما يخص سوقطرى التي سعت أنقرة إلى إقامة قاعدة عسكرية فيها لتوسيع وجودها العسكري في الصومال الذي جاء باسم محاربة القرصنة والإرهاب في منطقة القرن الإفريقي.

يعلنون بملأ الفم محاربتهم للتطرف والإرهاب لكنهم يدعمون ويرعون سرا وعلانية تنظيمات ينفون عنها صفة الإرهاب ويقولون إنها "مقاومة أو ممانعة" كحماس والجهاد وحزب الله وفصائل إسلامية قاتلت في سوريا وليبيا ومن قبل العراق. ويبدو أن الدعم الخليجي الذي كان سعوديا كويتيا بشكل خاص إبان الحرب العراقية الإيرانية ١٩٨٠-١٩٨٨ قد تحول إلى دعم يتجاوز الدعم المالي السخي إلى التصدي بكل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية لحربين على جبهتين متقابلتين: مضيق هرمز وباب المندب. ولك أن تتخيل الموقف إبان استهداف مصر وقناة السويس عبر أعمال تجسسية وتخريبية اتهمت بها القاهرة ميليشيات حزب الله والإخوان المسلمين قبيل وإبان "حكم المرشد"!

مرة أخرى، تتقاطع أدوات طهران وأنقرة في استهداف الأمن العربي والأمن الملاحي الدولي عبر زواياه الأربعة: شط العرب شمال شرق، هرمز جنوب شرق، باب المندب جنوب غرب، وقناة السويس شمال غرب.

منذ بدء حرب اليمن ٢٠١٤ للتصدي لإيران ووكلائها الحوثيين تسنمت السعودية والإمارات المسؤولية الأولى والكبرى وتحملتا الحمل الأثقل، تماما كما تحمل العراق مسؤولية التصدي للخميني. لكن خامنئي تعلم الدرس من سلفه فاكتفى بالوكلاء والعملاء على أمل التنصل من العواقب التي يبدو أنها على شفير ضربة خاطفة قد تكون ماحقة في حال ثبوت تورط إيران باستهداف الملاحة البحرية. حضور مدير وكالة الاستخبارات المركزية - سي آي إيه - بنفسه إلى المنطقة للتباحث في ملف إيران وجها لوجه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل لقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض والذي تأجل إلى الشهر المقبل يحمل الكثير من المعاني..

تدعي طهران وأنقرة ومن سار في فلك إحداهما بأن الإمارات "تحتل" سوقطرى التي "هوت فيها أحلام الإخوان وتركيا" وفقا لمحافظها الأسبق، لكنهم جميعا لم يصدرا إليها وإلى الحوثيين وحزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) سوى القنابل والمقاتلين بمن فيهم المرتزقة حيث تم وفقا لموقع "منت برس نيوز" الأمريكي إحباط قوات التحالف العربي بقيادة السعودية محاولات تركيا تهريب مرتزقة من ليبيا وسوريا إلى اليمن عبر طائرة كانت متجهة إلى عدن محملة بلقاحات كوفيد التاسع عشر! في المقابل فإن عمليات إعادة الإعمار التي تجاوزت بحسب مصادر إماراتية رسمية المئة وعشرة ملايين دولار منذ ٢٠١٥ في سوقطرى وحدها، كرستها الإمارات بالكامل لمشاريع إنسانية إغاثية خدماتية وإنمائية شملت قطاعات حيوية.

أعادت الإمارات في ٢١ ديسمبر ١٩٨٦ بناء سد مأرب قبل عامين من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في عهد رئيسها الراحل الشيخ زايد، فيما تبين أن لطهران وأنقرة مآرب أخرى في اليمن والخليج والإقليم برمته. قبل أيام أدانت إدارة بايدن بصريح العبارة "السلوك" الإيراني في الخليج، وقد أدانت قبل أشهر "السلوك" التركي شرق البحر الأبيض المتوسط. فهل تنجح بكف يدي إيران وتركيا معا؟

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!