صندوق النقد العربي يُطلق مؤشر مركب لرصد تطور الاقتصاد الرقمي في الدول العربية

قبل 2 سنة | الأخبار | اقتصاد
مشاركة |

 

في ضوء اهتمام صندوق النقد العربي بإعداد إسهامات بحثية تتوافق مع أولويات دوله الأعضاء وفي سياق الجهود التي يبذلها الصندوق لتسريع وتيرة التحول الرقمي في الدول العربية بما يتوافق مع استراتيجيته للفترة (2020-2025) ورؤيته لعام 2040،

 

أعد الصندوق دراسة بعنوان "احتساب مؤشر مركب لرصد تطور الاقتصاد الرقمي في الدول العربية". أشارت الدراسة إلى تنامى دور الاقتصاد الرقمي في المساهمة في الأنشطة الاقتصادية خلال العقدين الماضيين، وهو ما ساعد على ارتفاع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفقاً للتقديرات الدولية إلى نحو 15.5 في المائة،

 

كما ساهم التطور المتلاحق في خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في تعزيز دور الاقتصاد الرقمي في زيادة معدلات النمو الاقتصادي والتجارة الدولية وبلوغ أهداف التنمية المستدامة خاصة في الدول ذات الاقتصادات الناشئة والدول النامية.

 

في ضوء ما سبق، اهتمت الدراسة برصد مدى تطور الاقتصاد الرقمي في الدول العربية من خلال منهجين تمثل أولهما في المنهج التحليلي المقارن الذي تم من خلاله رصد التقدم المُحقق في هذه الدول على صعيد أربع أبعاد رئيسة للاقتصاد الرقمي وهي: البنية الرقمية، والتمكين الرقمي، والمساهمة الاقتصادية، والإبداع والابتكار الرقمي، بما يتوافق مع النهج المقترح من قبل مجموعة العشرين.

 

فيما تمثل المنهج الثاني في الأسلوب القياسي من خلال احتساب مؤشر مركب يعكس مدى تقدم الدول العربية على صعيد عدد من الركائز وثيقة الصلة بالتحول نحو الاقتصاد الرقمي.

خلصت الدراسة من خلال المنهج التحليلي المقارن، إلى تحقيق الدول العربية لإنجازات مهمة على صعيد التحول الرقمي على عدد من الأصعدة، إلا أن هذا التقدم لا يزال أقل من مثيله المسجل على المستوى العالمي وأقل كذلك مقارنة بالتقدم المحقق من قبل الدول النامية متوسطة الدخل ومن مثيله المحقق على مستوى بعض الأقاليم الجغرافية الأخرى.

 

كما أشارت الدراسة إلى أنه رغم التطور التي شهدته أسواق الاتصالات وتقنية المعلومات واتجاه العديد من الحكومات إلى تحرير هذه القطاعات بما ساعد على انخفاض كلفة هذه الخدمات، إلا أن الدول العربية لا تزال تواجه تحديات تتعلق بمستويات إتاحة خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات للمواطنين بكلفة ميسرة حيث تزيد كلفة بعضها عن 2 في المائة من متوسط دخل الفرد الذي يمثل المعيار العالمي لإتاحة خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات بكلفة مقبولة للسكان. 

 

أظهرت الدراسة كذلك وجود فجوة رقمية متعددة الأبعاد في الدول العربية. فعلى سبيل المثال في حين ترتفع مستويات تغطية السكان في الحضر بشبكات هاتف محمول متطورة إلى نحو 100 في المائة من السكان، لا تتعد النسبة في الريف 88 في المائة، وهو ما يعد منخفضاً بالقياس بالمتوسط العالمي البالغ نحو 93 في المائة في عام 2020.

 

كذلك تسجل نسبة الذكور المستخدمين للإنترنت في الدول العربية نحو 61 في المائة من إجمالي الذكور، مقابل 47 في المائة للإناث. كما تبلغ نسبة الشباب المستخدمين للإنترنت على مستوى الدول العربية نحو 67 في المائة، في حين ترتفع في بعض الأقاليم الأخرى، مثل الأمريكيتين وأوروبا إلى 90 و96 في المائة على التوالي. 

أشارت الدراسة إلى إنخفاض المساهمة الاقتصادية للإقتصاد الرقمي في الدول العربية سواءً بالمقارنة بالتطور المحقق عالمياً أو بمثيله المُسجل على مستوى الدول النامية متوسطة الدخل، وأشارت إلى تصدر الأردن للدول العربية من حيث مساهمة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي بمستوى يقدر بنحو 12.2 في المائة من الناتج المحلي، يليها كل من الإمارات والبحرين، بنحو 8 في المائة لكل منهما،

 

في حين تنخفض المساهمة في باقي الدول العربية إلى ما دون 5 في المائة. أما فيما يتعلق بمستوى التمكين الرقمي الذي يتعلق باستخدام الاتصالات وتقنية المعلومات من قبل الأسر ومؤسسات الأعمال والحكومات، فقد أظهرت الدراسة تفوّق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في غالبية المؤشرات ذات الصلة، وهو ما عزز من مستويات مرونة هذه الدول في مواجهة التداعيات الناتجة عن جائحة كوفيد-19.

إضافة إلى ما سبق، استهدفت الدراسة بناء مؤشر للاقتصاد الرقمي في الدول العربية لرصد تقدم الدول العربية في هذا المجال استناداً إلى أربع ركائز فرعية شملت: البنية الرقمية، والمساهمة الاقتصادية، والتمكين الرقمي، والتطور والابداع الرقمي في ضوء المعطيات المتوفرة لنحو 14 دولة عربية، وباعتماد تركيبة هرمية للمؤشر بما يُمكن من سهولة احتساب المؤشر وتطويره بشكل مستمر بما يعكس ديناميكية الأبعاد والمؤشرات المختلفة للاقتصاد الرقمي. 

خلصت نتائج المؤشر إلى تصدّر الإمارات للدول العربية في كل من المؤشر المركب للاقتصاد الرقمي، والركائز الأربع المكونة له. كما يتضح تصدر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للركائز الأربع للمؤشر المركب للاقتصاد الرقمي، وهو ما يعد انعكاساً لعدد من العوامل، لعل من أهمها استراتيجيات التحول الرقمي المطبقة والمتبناة في العديد من هذه الدول، إضافة إلى ارتفاع مستويات الدخل في هذه البلدان بما يساعدها على المواكبة السريعة للتطورات التقنية في عدد من المجالات من خلال تعزيز الاستثمارات في مجال خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات بما يشمله ذلك من القدرة على تبني أحدث شبكات الاتصالات والتطبيق المواكب لأحدث تقنيات المعلومات في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

 

فيما تأتي البلدان العربية الأخرى في مرتبة تالية حيث تتفوق في بعض الجوانب الخاصة بالاقتصاد الرقمي وتواجه تحديات في بعضها الآخر. ففي هذا الإطار تتسم كل من الأردن والمغرب وتونس ومصر بمستويات أداء متوسطة فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي، وتأتي في مرتبة لاحقة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المؤشر المركب والركائز الأربع المتضمنة به.   

استناداً إلى ما سبق خلصت الدراسة إلى بعض التوصيات لتطوير الاقتصاد الرقمي في الدول العربية بما يشمل: 

تعزيز وتطوير البنية الأساسية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بما يساعد على الإسراع بجهود التحول الرقمي مع الاهتمام بتوفير تلك الخدمات بالتكلفة الملائمة لكافة فئات المجتمع، والاهتمام بالإنفاق على البحث والتطوير في تقنيات الاتصالات والمعلومات من قبل الحكومات وكذلك الشركات.

قيام أصحاب القرار وصانعي السياسات بشكل دوري بمراجعة تقييم الدول العربية في المؤشرات المركبة للاقتصاد الرقمي بالتركيز على مكامن قوة كل بلد ووضع السياسات الكفيلة بمواجهة التحديات القائمة بما يضمن التطوير المتواصل لمقومات الاقتصاد الرقمي.

قيادة الحكومات لعملية التحول نحو الاقتصاد الرقمي من خلال الاهتمام بالتحول نحو الحكومات الرقمية والذكية لتقديم كافة الخدمات إلكترونياً لما لذلك من تأثير إيجابي على دفع التحول الرقمي لباقي فئات المجتمع.

تعزيز البنية القانونية الكفيلة بدفع التحول نحو الاقتصاد الرقمي بما يشمل أهمية سن تشريعات لحماية الملكية الفكرية، وحماية أمن وسرية البيانات، وأمن الفضاء السيبراني، وغيرها من القوانين ذات الصلة.

الاهتمام بتعزيز رأس المال البشري والقضاء على الأمية الرقمية لكافة شرائح المجتمع مع إعادة تأهيل المنظومة التعليمية في كافة مراحلها لتركز على تعزيز المهارات الرقمية وعلى خلق المحتوى المعرفي والاستخدام الفاعل لخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات. 

تعزيز البيئة التنظيمية الدافعة للتحول نحو الاقتصاد الرقمي بما قد يشمل وزارات الاقتصاد الرقمي، وهيئات تنمية الاتصالات وتقنية المعلومات وغيرها من المؤسسات المعنية الأخرى التي تطبق العديد من السياسات والبرامج على المستوى الوطني لضمان تكامل الجهود المبذولة في هذا الصدد. 

تبني سياسات لتحفيز التدفقات البينية لرأس المال والعمالة الداعمة للاقتصاد الرقمي على مستوى الدول العربية، الأمر الذي من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تحسن أداء الدول العربية في هذا المجال.

 

 

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!