تحركات الإدارة الأمريكية الجديدة لحلحلة الأزمة في اليمن.. مراقبون: تعيين ليندركينغ مبعوثاً خاصاً لليمن يكشف عن توجه أمريكي جديد وتعاطٍ مغاير للملف اليمني

قبل 3 سنة | الأخبار | أخبار محلية
مشاركة |

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الخميس، إنهاء الدعم الأميركي للعمليات العسكرية في اليمن، وتعيين الدبلوماسي  تيموثي ليندركينغ، مبعوثاً خاصاً إلى اليمن.

وقال الرئيس الأميركي، في أول خطاب له حول السياسة الخارجية: “نعزّز جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن، التي أحدثت كارثة إنسانية واستراتيجية”.

وإذ شدّد بايدن، على أنّ “هذه الحرب يجب أن تنتهي”، أعلن أيضاً عن تعيين الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ، مبعوثاً خاصاً لبلاده في اليمن.

وأضاف: “لتأكيد تصميمنا، فإننا ننهي كل الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في حرب اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة”. وبموجب هذا الإعلان ستلغي واشنطن عقداً مثيراً للجدل لبيع الرياض “ذخائر دقيقة”، وهي صفقة أقرّها في نهاية ولايته الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، الذي حافظ رغم كل الانتقادات على دعمه للسعودية.

وأوضح بايدن، أن “المملكة العربية السعودية تواجه هجمات صاروخية وهجمات أخرى من قوات تدعمها إيران في دول عدة، وسنساعد السعودية في الدفاع عن سيادتها وسلامتها الإقليمية، وعن أمن شعبها”.

وقال: “سنعمل على تكثيف دبلوماسيتنا لإنهاء الحرب في اليمن، وهي الحرب التي خلقت كارثة إنسانية واستراتيجية كبيرة. ‏لقد طلبت من فريقي في الشرق الأوسط أن يضمن دعمنا للمبادرة التي تقودها الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار ، والحد من التحدي الإنساني، واستعادة محادثات السلام المتعثرة منذ زمن طويل”.

وتابع: ‏”هذا الصباح (الخميس) عيّن الوزير بلينكين تيم ليندركينغ (وزير الخارجية)، مسؤول السياسة الخارجية المحترف (تيموثي ليندركينغ) كمبعوث خاص لنا حول الصراع اليمني، وأنا أقدر قيامه بهذا، يتمتع تيم بخبرة طويلة في المنطقة، وسيعمل مع مبعوث الأمم المتحدة وجميع أطراف النزاع للضغط من أجل حل دبلوماسي، وستعزز الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دبلوماسية تيم من أجل العمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني الذي يعاني من دمار لا يطاق”.

إلى ذلك رحبت الحكومة اليمنية، بما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالتأكيد على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية. كما رحبت الحكومة اليمنية، في بيان للخارجية اليمنية نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، بتعيين الرئيس الأمريكي لـ “السيد تيم ليندر كينغ” مبعوثاً خاصاً لليمن.

واعتبر البيان ذلك “خطوة أخرى مهمة تتخذها الولايات المتحدة ضمن مساعيها الداعمة والمساندة للحكومة والشعب اليمني لإنهاء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران”.

وبحسب البيان، فإن الحكومة اليمنية “جددت التزامها التام بالعمل مع تحالف دعم الشرعية وأعضاء المجتمع الدولي، للتوصل إلى حل سياسي يجلب السلام الشامل والمستدام في اليمن، يستند على المرجعيات الثلاث، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى وجه الخصوص القرار 2216”.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، إن تعيين تيم ليندركينغ مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة في ‎اليمن، “خطوة إيجابية نحو تعزيز الانخراط الدولي والدبلوماسي”.

وأعرب غريفيث، في تغريدة له على حسابه في تويتر، عن تطلعه “للعمل مع المبعوث الأمريكي الجديد من أجل إعادة  اليمن إلى مسار السلام”.

وإذ رحبت المملكة العربية السعودية بالجهود الأمريكية لحل الأزمة اليمنية، جددت التأكيد على موقفها الثابت في دعم التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2216.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن المملكة ترحب بتأكيد الولايات المتحدة على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية، بما في ذلك جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث، إضافة إلى ما ورد في خطاب فخامة الرئيس الأمريكي بايدن حيال التزام الولايات المتحدة بالتعاون مع المملكة للدفاع عن سيادتها والتصدي للتهديدات التي تستهدفها.

وقالت السعودية، وفق (واس)، إنها “قامت في هذا الإطار بعدد من الخطوات المهمة لتعزيز فرص التقدم في المسار السياسي، بما في ذلك إعلان التحالف وقف إطلاق النار بشكل أحادي استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة”.

وأوضحت، أن المملكة  تتطلع إلى العمل مع إدارة الرئيس بايدن ومع المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركنج، والأمم المتحدة، وكافة الأطراف اليمنية ودول التحالف، في سبيل التوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن.

وقال وزير الدولة للشئون الخارجية عضو مجلس الوزراء السعودي، عادل الجبير، في سلسلة تغريدات على تويتر، أمس، إن “خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن كان تاريخياً، حيث أكد التزام أميركا بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء لحل النزاعات والتعامل مع التحديات”.

أضاف: “نتطلع إلى العمل مع أصدقائنا في الولايات المتحدة لإنهاء النزاعات ومواجهة التحديات، كما فعلنا منذ أكثر من سبعة عقود”.

وذكر، أن “السعودية وأميركا بذلتا التضحيات في تحرير الكويت وفي محاربة القاعدة، بما في ذلك في اليمن، وداعش في سوريا، وسنواصل الوقوف معاً لمواجهة أعدائنا المشتركين”.

في السياق، رحبت الإمارات العربية المتحدة بتعيين تيم ليندركينغ مبعوثاً أميركياً خاصاً إلى اليمن.

وقال وزير الدولة للشئون الخارجية، أنور قرقاش، إن خبرة المبعوث الأمريكي ومشاركة الولايات المتحدة، ستوفر طاقة جديدة ومطلوبة، وتركيزاً للمساعدة في حل الصراع وتحسين بيئة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

وأشار قرقاش إلى أن بلاده ‏أنهت تدخلها العسكري في اليمن منذ أكتوبر من العام الماضي.

وأضاف: “وحرصاً منها على انتهاء الحرب، فإن الإمارات دعمت جهود الأمم المتحدة ومبادرات السلام المتعددة، كما ظلت واحدة من أكبر مقدمي المساعدات الإنسانية للشعب اليمني”.

وتعليقاً على التحركات الأمريكية الجديدة في الملف اليمني، قالت مليشيا الحوثي، إن “صواريخها هي للدفاع عن اليمن، وتوقفها مرهون بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل وشامل، وإن السلام الحقيقي لن يكون قبل وقف العدوان”.

وقال ناطق باسم المليشيا الحوثية، محمد عبدالسلام، إن البرهان الحقيقي لإحلال السلام في اليمن، هو وقف “العدوان، ورفع الحصار”. مشيراً إلى أن “خيار العدوان والحصار أثبت فشلاً ذريعاً أمام الصمود الأسطوري لشعبنا العزيز”، حد تعبيره.

ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تعيين الإدارة الأمريكية للدبلوماسي المخضرم تيم ليندركينغ، مبعوثاً أميركياً خاصاً لليمن، والذي عمل في السعودية والكويت والعديد من دول المنطقة، يكشف عن توجه أمريكي جديد وتعاطٍ مغاير لملف الأزمة في اليمن.

ويعتقد المراقبون، أن الإدارة الأمريكية تتحرك وفق خطة لحلحلة الأزمة اليمنية التي تدخل عامها السابع، وسط تصاعد مستمر للصراع والاقتتال الدامي بين الحكومة والحوثيين.

ويشير المراقبون، إلى إمكانية عودة الرئيس بايدن، إلى الخطة الأمريكية لإحلال السلام في اليمن وتطويرها، والتي كانت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، قد تبنتها في أواخر العام 2016، وكان الرئيس بايدن نائباً له، وعرفت حينها بـ “خطة كيري” للسلام في اليمن، في إشارة إلى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري حينها.

وبالعودة إلى الخطة الأمريكية “خطة كيري”، فإنها ارتكزت في مقاربتها للحل في اليمن على خمس نقاط، بهدف تطبيق القرارات الأممية بشأن اليمن خصوصاً قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتعزيز أمن دول واستقرار دول الجوار في الخليج والمنطقة.

كما اشتملت “خطة كيري” على جملة من الأفكار، منها تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الأطراف، بما فيها الحوثيون، ثم انسحاب المليشيا الحوثية من صنعاء والمناطق اليمنية، ونقل جميع الأسلحة، بما فيها الصواريخ البالستية إلى طرف ثالث، وأن تعمل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة على احترام أمن وسلامة وحرمة الحدود الدولية، إضافة إلى حظر نشر أي أسلحة على الأراضي اليمنية تهدد الممرات المائية الدولية أو الدول المجاورة.

من هو المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن؟

يعد ليندركينج دبلوماسياً ذا خبرة طويلة في شئون الخليج واليمن، حيث يوصف بالشخص المناسب للتحدث عن الصراع وإمساك زمام المهمة.

وليندركينج شخصية معروفة في المنطقة، وكان يشرف في الآونة الأخيرة على شئون الخليج واليمن في قسم الشرق الأدنى داخل وزارة الخارجية الأمريكية، وقبل ذلك كان ثاني أكبر مسؤول في سفارة واشنطن بالسعودية، وعمل قبل ذلك في العراق والكويت.

وكان تيم ليندركينغ، أرفع دبلوماسي أميركي زار مدينة عدن منذ سيطرة مليشيا الحوثيين على صنعاء في 2014.

ويعارض ليندركينغ الخيار العسكري كحل للازمة اليمنية، إذ يرى أن الحل النهائي يكمن “في الانخراط بمحادثات حول القضايا الصعبة، وتقديم التنازلات، وخفض التدخل الخارجي إلى الحد الأدنى لكي يكون اليمنيون هم من يتخذون القرارات المصيرية حول مستقبلهم”، مع عدم ممانعته في استخدام الخيار العسكري كوسيلة ضغط.

وشارك تيم إلى جانب السفير الأميركي في مشاورات السويد التي أفضت إلى اتفاق ستوكهولم كممثل للولايات المتحدة، وهو يرى أن تعثر تنفيذ الاتفاق يعود إلى “تقصير من الطرفين”.

كما يرى الدبلوماسي الأمريكي أن السلام يتعلق أكثر “بمدى التزام الحوثيين بالعملية السياسية، وليس فقط لوقف إطلاق النار، بل عودة الحكومة ومؤسساتها والقدرة على معالجة الكوارث الإنسانية في البلد”.

ويعتقد تيم أن للإيرانيين دوراً سيئاً في إطالة أمد النزاع، ومساعدة الحوثيين في تصرفاتهم السلبية.

ويقول ليدركنج، في حديث لصحيفة “الشرق الاوسط” السعودية، إن “انقضاض الحوثيين على السلطة مثّل تحركاً غير قانوني، خصوصاً أنه حدث في خضم مجريات الحوار الوطني الذي كان يبشر بنتائج واعدة تنخرط فيه شرائح واسعة من المجتمع اليمني من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وتجمعات نسوية بشكل غير معهود في كثير من الدول في الشرق الأوسط”.

ويشدد ليندركينغ، على أن واشنطن لا تدعم حزباً بعينه في اليمن، بل “نسعى إلى الشراكة مع التجمعات التي تريد أن تكون جزءاً من الجهود التي تقودها الأمم المتحدة والتي يقودها المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث”.

ويعتقد، أن اليمن الموحد هو مهم جداً للاستقرار في شبه الجزيرة العربية، حيث يقول: “نود أن نرى القوى اليمنية مجتمعة معاً، ومحاولات تقسيمها ليست بناءة”.

وحسب موقع الخارجية الأمريكية، عمل ليندركينج نائباً مساعداً لوزير الخارجية الأمريكية لشئون إيران والعراق والشئون الإقليمية متعددة الأطراف، في مكتب الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، وهو من أقدم العاملين بالسلك الدبلوماسي.

كما شغل ليندركينج، سابقاً، منصب نائب رئيس البعثة الأمريكية في سفارة الولايات المتحدة في الرياض، من 2013 إلى 2016، ومنصب مدير مكتب باكستان في وزارة الخارجية، من 2010 حتى 2013.

وفي الفترة من عام 2008 إلى 2010 عمل ليندركينج في العاصمة العراقية بغداد، بصفتين الأولى كبير مستشاري الديمقراطية في السفارة الأمريكية، والثانية مستشاراً سياسياً للقائد العام للقوات متعددة الجنسيات. وقبل عمله في العراق، عمل ليندركينج مستشاراً اقتصادياً ونائباً لرئيس بعثة الولايات المتحدة في السفارة الأمريكية بالكويت، وعمل أيضاً في منصب المستشار السياسي في سفارة واشنطن في الرباط من 2002 حتى 2006.

وشملت المناصب التي شغلها ليندركينج، العمل كمساعد خاص لوكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشئون السياسية، مارك غروسمان، في الفترة من 2001 حتى 2002، وكمسؤول بمكتب لبنان من 2000 حتى 2001، وكمسؤول مراقب في مركز العمليات في بنجلاديش وسوريا.

انضم ليندركينج إلى السلك الدبلوماسي في عام 1993، بعد أن عمل في مجال اللاجئين، حيث شغل العديد من المناصب مع المنظمات غير الحكومية الأمريكية ومع الأمم المتحدة في نيويورك والسودان وباكستان وأفغانستان وتايلاند. حصل ليندركينج على درجة الماجستير في التاريخ والعلاقات الدولية من جامعة واشنطن، في عام 1989، ودرجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من جامعة ويسليان في عام 1985.

 وهو حاصل على جائزة الاستحقاق الرئاسية، وتسع جوائز شرفية عليا من وزارة الخارجية، وجائزة الاستحقاق للخدمة المدنية لخدمته في العراق.

*نقلا عن الشارع.

الظاهرتان المناخيتان إل نينيو وإل نينيا

لا تعليق!